لحمُنا المحزَّزُ بسياطِ كهرباءِ الحزبِ الواحد، المُلْصَقُ عجيناً في تَنُّور المِلَل والنِّحَل، المقدَّدُ في عنابر القراصنة، المصقولُ بجليد المنافي، المرقَّطُ بلدغاتِ أُولي القُربى، هو بِساطُ أجدادنا المزَّيِّنُ صدرَ كلِّ بيت: فُرجةً للضيوف، وتميمةً للمقيمين.
لحمُنا نبتةُ الخلود التي لم يستسغها جلجامش، ولا اهتدت إليها الأفعى.
لحمُنا جوهرُ الخلطة السحريّة التي توزِّعها على ورشات السلالة جَبّالاتُ المافيا.
لحمُنا القمصانُ التي تَصَدَّقَ بها حفّارو القبور من حواشي الأكفان، فبِيعتْ راياتٍ وخياماً، والمواسمُ التي لم يَهضمها الجرادُ فتناثرت شظايا على أرصفة الجُمعة.
لحمُنا الأدعيةُ المعسولة مصائد للفئران في مخازن المُرابين، ووسائدُ الإسفنج الممتصَّةُ أَرَقَ الجُناة.
لحمُنا حفيفُ حِرشِ السنديان الذي صار كيسَ فحمٍ للأراكيل، وخريرُ النبع الذي أنهى مسيرتَه حاجباً على مدخل ريغار.
لحمُنا الخندقُ الذي حَفَرَتْهُ صفعةُ الأب على الخدّ، واللغمُ الذي طَمَرَتْهُ تحت السرير زوجةٌ مجلودة.
لحمُنا الدَّرَجُ الموصِل إلى المنبر، وحيلةُ الطيّانِ لإسعافِ جدارٍ مشروخ.
لحمُنا ما نرشو به العرّافَ ليفسِّرَ كوابيسَنا بِشاراتٍ، وما نَعِدُ به الشاعرَ إنْ أَتقَنَ مِن أين تؤكل الآه.
لحمُنا أوَّلُ هدايا أهلنا لمساطر المعلّمين، وآخِرُ أقنعةِ أصدقائنا قبل صياح الديكة.
لحمُنا رأسا يوحنّا والحسين ناثرَينِ دموعَ الفجر لحماماتِ مسجد بني أميّة، وشقفُ الأمين الأربعةُ على أبواب بغداد شموعاً تؤنس سَهَرَ المأمون في دار الحكمة.
لحمُنا الإزميلُ الذي نَقَشَ شريعةَ حمورابي على المسلّة، والأرجوانُ الذي نَجَّدَ به آلُ كركلا عرشَ روما.
لحمُنا الزوّادةُ التي دُسَّتْ بين ثنايا المومياء سلوى لروح فرعون في ظلمات الهرم.